نعلم إن التكريم سنة حسنة يكرم فيها المبدعون والمخلصون وغالبا ما يحدث ذلك في نهاية مشوار الفرد العملي أو مقابل إنجاز غير مسبوق تحقق للوطن أو للبشرية.
ولكن يبدو أن التكريم في مجتمعاتنا العربية أخذ مناحي أخرى وأصبح يكرم (اللي يستاهل) و (اللي ما يستاهل)، فمن غير الطبيعي أن يكرم مسؤول أو موظف في نهاية مشواره العملي ومعظم سنين عمله يتخللها الغياب والتأخير والتقصير ونأتي في النهاية لنعمل له حفل تكريم، وتزداد المأساة حينما ينبري الحاضرون أمام الميكروفون وشهوة الميكروفون للتحدث عنه بكلمات مبالغ فيها ويتحدثون عنه وكأنه أسطورة لم تتكرر من قبل وهذا عيب في حق التكريم نفسه، وحق من نظمه وكذلك الحضور.
فالتكريم يجب أن يكون للجديرين حقا عطاء وبذلا أداء وتعاملا انضباطا وتفاعلا.. أما من كان تاريخهم العملي لا يحظى بالعطاء ولا بتقدير الناس فهذا (إهدار للتكريم)، فكم من شخص كرم وهو لا يستحق.. وكم ممن لم يكرم وهو يستحق والشيء الغريب أن بعض المكرمين الذين لا يستحقون التكريم يتدخلون حتى في برنامج التكريم ويضعون شروطا لمجريات حفل التكريم ولا تستبعد أن يطلبوا من المنظمين تأليف كتاب عنهم وعن تاريخهم العملي رغم أن ذلك التاريخ لا يشفع لهم أن يحظوا ولو بخطاب شكر..
والشيء الرائع أن من يستحقون التكريم حقا ولهم تاريخ مشرف يرفضون التكريم ويرون أنهم لم يقدموا شيئا يستحق التكريم بالرغم أنهم الأجدر والأحق من غيرهم.. ولكنهم يأبون ذلك ويحتسبون الأجر من الله متكئين على تاريخهم المضيء والمطرز بالإبداع والتألق ورضا الناس عنهم ودعواتهم لهم.
فدعونا (نقنن) التكريم ولا نمنحه إلا من يستحق والذين حققوا إنجازات تميزهم عن الآخرين وذلك حتى لا يفقد التكريم هيبته.. وهنا نؤكد بالذات على المؤسسات كالمؤسسات والجامعات والأندية وغيرها أن لا تكرم إلا من يستحق ذلك حتى لا تفقد تلك الجامعات والمؤسسات هيبتها، ويفقد التكريم هيبته..